وقد ورد عن الإمام أَحْمَد وعبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وعن غيرهم من أئمة السلف عبارات فيها إثبات الحد وعبارات فيها نفي الحد، فكيف توفق بين النفي والإثبات للحد؟
الجواب: أننا نقول: الحد له معنيان، المعنى الأول بمعنى المباينة والانفصال، وهذا هو مراد من أثبته، فإذا قالوا: بحد، أي: نثبت أن الله عَلَى العرش يُحد، أي: بمباينة وانفصال عن المخلوقات، لأن المخلوقات محدودة بلا شك ولها نهاية، وهو سبحانه لا يحل فيها ولا تحل فيه، والمعنى الآخر هو: معنى القول أو العلم، وهو المعنى المنفي، هل يحده المخلوقون؟
فَيَقُولُ: ومرادهم بقولهم ليس له حد، أي أن المخلوقين لا يستطيعون أن يحدوا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أي أن يعلموا له حداً، بمعنى أن يعلموا أن له كيفية لأن عقولهم تتقاصر عن ذلك، فإذا لا تناقص في كلام السلف، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم، فهم أعلم النَّاس وأثبتهم وأوثقهم، ولكن المسألة أن كلمة الحد لها معنيان.